الحكيم وعبد الناصر
أنزله جمال عبد الناصر منزلة الأب الروحي لثورة 23 يوليو، بسبب عودة الروح التي أصدرها الحكيم عام 1933، ومهّد بها لظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة من رقادها. منحه جمال عبد الناصر عام 1958 قلادة الجمهورية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1960، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام.
لم يذكر أن عبد الناصر منع أي عمل لتوفيق الحكيم، حتى عندما أصدر «السلطان الحائر بين السيف والقانون» في عام 1959، و«بنك القلق» عام 1966، حيث انتقد النظام الناصري ودافع عن الديمقراطية.
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/51ztwjjhtdl3.jpg?w=364)
وصل الأمر أن عبد الناصر كان يستقبل الحكيم في أي وقت وبغير تحديد لموعد، وهو ما أكده الحكيم نفسه في جريدة الأهرام في 15 مارس 1965. بعد وفاة عبد الناصر عام 1970 وأثناء تأبين الزعيم سقط توفيق الحكيم مغمى عليه وهو يحاول تأبينه وبعد أن أفاق قال خطبة طويلة من ضمنها:
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/8796.jpg?w=320)
إلا أن الحكيم في عام 1972 أصدر كتاب عودة الوعي مهاجما فيه جمال عبد الناصر بعنف. ترتبت على عودة الوعي ضجة إعلامية، حيث اختزل الحكيم موقفه من التجربة الناصرية التي بدأت كما ذكر: يوم الأربعاء 23 يوليو 1952 حتى يوم الأحد 23 يوليو 1973، واصفا هذه المرحلة بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصري فاقد الوعي .
مرحلة لم تسمح بظهور رأي في العلن مخالف لرأي الزعيم المعبود. وأعلن في كتابه أنه أخطأ بمسيرته خلف الثورة بدون وعي قائلا:
العجيب أن شخصا مثلي محسوب على البلد هو من أهل الفكر قد أدركته الثورة وهو في كهولته يمكن أن ينساق أيضا خلف الحماس العاطفي، ولا يخطر لي أن أفكر في حقيقة هذه الصورة التي كانت تصنع لنا، كانت الثقة فيما يبدو قد شلت التفكير سحرونا ببريق آمال كنا نتطلع إليها من زمن بعيد، وأسكرونا بخمرة مكاسب وأمجاد، فسكرنا حتى غاب عنا الوعي. أن يري ذلك ويسمعه وأن لا يتأثر كثيرا بما رأي وسمع ويظل علي شعوره الطيب نحو عبد الناصر. أهو فقدان الوعي. أهي حالة غريبة من التخدير. |
في فبراير 1972م كتب بيده بيان المثقفين المؤيدين لحركة الطلاب، ووقّعه معه وقتذاك نجيب محفوظ. ساءت بعدها علاقة الحكيم مع محمد أنور السادات حيث قال السادات وقتذاك «رجل عجوز استبد به الخرف، يكتب بقلم يقطر بالحقد الأسود، إنها محنة أن رجل رفعته مصر لمكانته الأدبية إلى مستوى القمة ينحدر إلى الحضيض في أواخر عمره».
حاول بعدها محمد حسنين هيكل جمع الحكيم مع السادات ونجح بذلك بعد حريق مبنى الأوبرا.
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/www.ward60.art-ola-aleslam-196.gif?w=450)
اشتهر توفيق الحكيم على مدى تاريخه الطويل بالعديد من المعارك الفكرية التي خاضها أمام ذوي الاتجاهات الفكرية المخالفة له؛ فقد خاض معركة في أربعينيات القرن العشرين مع الشيخ المراغي شيخ الأزهر آنذاك، ومع مصطفى النحاس زعيم الوفد، وفي سبعينيات القرن العشرين خاض معركة مع اليسار المصري بعد صدور كتاب «عودة الوعي»، وكانت آخر معارك الحكيم الفكرية وأخطرها حول الدين عندما نشر توفيق الحكيم على مدى أربعة أسابيع ابتداء من 1 مارس 1983 سلسلة من المقالات بجريدة الأهرام بعنوان «حديث مع وإلى الله».
آراء معاصريه من الكبار
- طه حسين أختلف الحكيم مع طه حسين في الأسلوب، إلا أنه أقر له بأنجازاته، حيث قال حسين: «إن الحكيم يفتح باباً جديداً في الأدب العربى هو باب الأدب المسرحى الذي لم يعرفه العرب من قبل في أي عصر من عصورهم. إلا أنه انتقده في مسرح العبث، وذلك في مسرحية الأيدي الناعمة والتي قام بدور البطولة فيها وقتها يوسف وهبي، فقد نقل عن طه حسين قوله:» إن (أخانا) توفيق يحاول أن يكون شخصاً آخر، فرنسياً يعيش في باريس، ولا علاقة له بالقاهرة ومصر واللغة العربية، إن مسرح العبث عند الحكيم ثقيل الدم، ولا يبعث على الضحك، وإذا ضحكنا فعلى المؤلف وليس مع الممثلين!، إن في فرنسا شعراء عبثيبن ولكن دمهم أخف من ظلهم، أما توفيق الحكيم فهو ثقيل الدم والظل معا.
رد الحكيم على تعليق طه حسين قائلا:
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/d8aad988d981d98ad982_d8a7d984d8add983d98ad985.jpg?w=781)
- محمد حسنين هيكل اشترك مع الحكيم في العمل في جريدة أخبار اليوم وقال عنه : أنا كنت مبهورا بالأديب والفنان وهو كان مبهوراً بالصحفي.
- كما تعرض الحكيم لنقد لاذع من محمد لطفي جمعة، وهو ناقد محافظ من مدرسة دار العلوم، الذي يقول في مذكراته: هو
- وزير التعليم القباني انتقده بشدة قائلا لعبد الناصر: «إن الحكيم ليس إدارياً وإنه كسول وكونه أديباً مشهوراً ليس معناه أنه يصلح لإدارة دار الكتب. وطالب عبد الناصر بإقالته، إلا أن عبد الناصر قال:» لا أرضى للثورة أن تضع هذه النقطة في تاريخها فقدم القباني استقالته احتجاجا على تمسك عبد الناصر بالحكيم .
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/51ztwjjhtdl3.jpg?w=364)
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/elebda3.com-12180617zm5v93.jpg?w=191)
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/8796.jpg?w=320)
![](https://freeminds24.com/wp-content/uploads/2024/05/d8aad988d981d98ad982_d8a7d984d8add983d98ad985.jpg?w=781)
إعداد
Moawia Mohammed