أرشيف الأوسمة: قصة حب مي وخليل

رسائل مي زيادة، إلى جبران خليل جبران !

بعض من رسائل مي زيادة إلى جبران خليل جبران

على الرغم من أن مي زيادة لم تتزوج قط، إلا أنها كانت على علاقة بأحد عظماء الأدب العربي في القرن العشرين، جبران خليل جبران ، وهو كاتب وشاعر لبناني أمريكي، وعلى الرغم من حقيقة أن الإثنين لم يلتقيا أبدًا، فقد حافظا على مراسلات مكتوبة حتى وفاة جبران في عام  1931م. أول ما يتبادر إلى أذهاننا، عندما يتم ذكر  الكاتبة مي زيادة، الأديب الكاتب جبران خليل جبران و مراسلاتها المتبادلة معه، التي امتدت إلى نحو عشرين عاما دون أن يلتقيا ، وما أحاط من فضول بهذه المراسلات. فعلى الرغم من أن الاثنين من لبنان ، ولكن الأقدار حملت جبران إلى المهجر الأمريكي، فيما استقرت ميّ زيادة الجزء الأطول من عمرها في القاهرة، التي ارتبطت سيرتها الأدبية بها، كاسم معروف في الوسط الثقافي في المدينة، وصاحبة صالون أدبي ممتاز، لعله كان الأشهر يومها … وفيمايلي إحدى رسائل مي زيادة إلى جبران خليل جبران:

الإعلانات

“جبران! لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب. إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودع المراقص والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أي غربة وأي شقاء ( وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) علي الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.
ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه ؟ لا أدري.
الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كنت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى .
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه الحرية… أتذكر قول القدماء من الشرقيين:

إن خيرًا للبنت أن لا تقرأ أو تكتب، إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟ قل لي أنت ما هو. وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك …

وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حولك، يحرسك ويحنو عليك. غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان خصصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة ، آلهة الحب، أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟

ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران واحد، حلو بعيد هو القريب القريب. تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن النور يتبع الظلام، وأن الليل سيخلف النهار، والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب إليها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد جبران”.

وفي رسالة أخرى من رسائل مي زيادة تعترف مي فيها بحبها لجبران … كتبت قائلًة: “ما معنى هذا الذي أكتبه؟ لا أعرف ما أعنيه به. لكني أعلم أنك حبيبي وأخاف من الحب. أتوقع الحب كثيرًا وأخشى أنه لن يجلب لي كل ما أنتظره. أقول هذا وأنا أعلم أن في القليل هناك الكثير من الحب، لكن القليل من الحب لا يرضيني. الجفاف والجفاف ولا شيء أفضل من القليل. “

الإعلانات

وفي إحدى رسائل مي زيادة إلى جبران، كتبت تبث له شوقها لسماع كلماته الرقيقة، وانتظارها رسائله التي لم تأت وهذا هو نص الرسالة:

“صديقي جبران:

لقد توزع في المساء بريد أوروبة وأمريكة، وهو الثاني من نوعه في هذا الأسبوع، وقد فشل أملي بأن تصلني فيه كلمة منك. نعم إني تلقيت منك في الأسبوع الماضي بطاقة عليها وجه القديسة حنة الجميل، ولكن هل تكفي الكلمة الواحدة على صورة تقوم مقام سكوت شهر كامل … لا أريد أن تكتب إلي إلا عندما تشعر بحاجة إلى ذلك، أو عندما تنيلك الكتابة سرورًا، ولكن أليس من الطبيعي أن أشرئب إلى أخبارك كلما دار موزع البريد على الصناديق يفرغ فيها جعبته ! … أيمكن أن أرى الطوابع البريدية من مختلف البلدان على الرسائل, حتى طوابع الولايات المتحدة وعلى بعضها اسم نيويورك واضح, فلا أذكر صديقي ولا أصبو إلى مشاهدة خط يده ولمس قرطاسه … ولتحمل إليك رقعتي هذه عواطفي فتخفف من كآبتك إن كنت كئيبا  وتواسيك إن كنت في حاجة إلى المواساة , ولتقوك إذا كنت عاكفًا على عمل ولتزد في رغدك وانشراحك إذا كنت منشرحا وسعيدا ‘

الإعلانات

مي زيادة

11  آذار 1925″

هل تحققت أمنية مي زيادة بعد 80 عاما على رحيلها؟

 تقول الكاتبة مي زيادة في مذكراتها: ” آمل أن ينصفني أحد بعد وفاتي وأن يستخلص من كتاباتي الصغيرة ما تحتويه من صدق وإخلاص !!”. تبدو أمنية الأديبة مي أقرب إلى التوقع، بعد أن انتهك بعض الكتاب الباحثين عن الشهرة حياتها، الأمر الذي دفع الكاتبة والصحفية المصرية صافيناز كاظم إلى مهاجمة من يخالف سيرة مي، قائلة: ” لا يجوز مخالفة سيرة الآنسة مي من كل جاهل ظالم بغير فهم وبدون بحث وقراءة في أوراقها التي توفرت بنفسها بعد أن جمعتها الباحثة المحترمة سلمى حفار الكزبري، ونشرتها في كتابها: ” مي زيادة أو مأساة العبقرية”.

في النهاية

بعد مرور ثمانين عامًا على رحيل الرائعة مي زيادة التي أغنت بكتاباتها أدبنا العربي، تبقى رسائل مي زيادة إلى جبران خليل جبران، هي الأكثر تأثيرًا في وجداننا لرقتها وصدق مشاعرها.

إعداد

Moawia Mohammed

الإعلانات