أرشيف التصنيف: مقالات حرة

كيف أطالت زراعة( الفول السوداني) امد العبودية في غرب أفريقيا

تاريخ هذا البَقل في غرب إفريقيا مشتبك مع تاريخ استرقاق البشر. إيمي ماكسمِن «مستعبَدون من أجل الفول السوداني: قصة الغزو والتحرير والمحصول الذي غيَّر وجه التاريخ» Slaves for Peanuts: A Story of Conquest, Liberation, and a Crop That Changed History المؤلفة: جوري لويس دار النشر: ذا نيو برِس (2022) نشأ الفول السوداني الذي نلتهمه اليوم، وهو […]

كيف أطالت زراعة( الفول السوداني) امد العبودية في غرب أفريقيا

أشيل مبيمبي: عن مجتمع يشمل كل ساكني الأرض

ليست النقاشات الفكرية والمقالات الفلسفية حول الأرض بالأمر الجديد. ذلك أن كوكبنا شغل الفلسفة منذ بداياتها، مع أرسطو ثم مع الفلاسفة العرب والمسلمين وبعدهم مع مفكّري أوروبا الوسيطة، الذين وضعوا العديد من الأطروحات والنظريات في طبيعة الأرض، وموقعها من الكون، بل إن عدداً من العلماء المسلمين ــ مثل ابن سينا ــ ذهبوا حدّ تفسير عدد […]

أشيل مبيمبي: عن مجتمع يشمل كل ساكني الأرض

سقوط الدولة الأموية.. حكاية بني أمية أولى الأسر الحاكمة في الإسلام

كتب🪶

محمد عبد الرحمن

مرّ قبل يومان الذكرى الـ 1275، على سقوط ثانى دول الخلافة الإسلامية فى التاريخ الإسلامى “الدولة الأموية“، وهى واحدة من أكبر الدُول الحاكِمة فى التاريخ، كان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاكمة، إذ حكموا من سنة 41 هـ (662 م) إلى 132 هـ (750 م)، وكانت عاصمة الدولة فى مدينة دمشق.

بنو أمية هم أحد القبائل القرشية التي يرجع نسبها إلى عبد شمس عبد مناف، ومن الجدير بالذكر أنّ عبد شمس بن مناف ولد أمية الأكبر، وعبد العزّى، وحبيب، وسفيان، وربيعة، وولد ثلاثة أولاد أطلق عليه اسم العبلات؛ والسبب في التسمية يرجع إلى اسم أمّهم عبلة، وهم: أميّة الأصغر، وعبد أميّة، ونوفل.

الإعلانات

ويوضح كتاب ” فيض الخاطر (الجزء الثامن)” للمفكر الراحل أحمد أمين، أنه من قديم في العصر الجاهلي كان يتنازع الشرفَ فرعان من قريش من ولد عبد مناف، لا يدانيهما في ذلك بيت؛ وهما بيت هاشم وبيت أمية، وكان بنو أمية أكثر عددًا وأوفر رجالًا، وكثيرًا ما تنافر هاشم وابن أخيه أمية إلى حكم يحكم بينهما أيهما أشرف، على عادة العرب في الجاهلية، وكان هشام له الرِّفادة والسِّقاية في البيت الحرام، وكان رجلًا موسرًا، وكان كريمًا، وكان يوسع على العرب عند حجتهم، ويطلب من ذوي المقدرة أن يتبرعوا بما في استطاعتهم، ويخرج هو عن كثير من ماله، فينظِّم إطعام الطعام والترويةَ بالماء، ويعد الحجيج ضيف الله وضيفه؛ فمن أجل هذا كان يحكم له بالشرف، كما كان من الأمويين من نال السيادة وسوَّدته قريش كلها، كحرب بن أمية؛ فقد كان رئيس قريش في حرب الفجار، ورووا أن قريشًا تواقعوا ذات يوم؛ وحرب هذا مسند ظهره إلى الكعبة، فتبادر إليه غلمة منهم ينادون: يا عم، أدرك قومك، فقام يجر إزاره حتى أشرف عليهم من بعض الرُّبا، ولوح بطرَف ثوبه إليهم أن تعالوا، فبادرت الطائفتان إليه بعد أن كان حمي وطيسهم.


فلما جاء الإسلام زاد البيت الهاشمي شرفًا بمحمد رسول الله الهاشمي، ولكن الإسلام لم يعبأ بالعصبية القبلية الجاهلية، وجاء يزن الناس بميزان آخر غير الدم والجنس والقبيلة، ولما فتح النبي ﷺ مكة قال له العباس: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له ذكرًا، فقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. وأراد مشركو مكة وعلى رأسهم أبو سفيان بعد الإسلام أن يعوِّضوا ما فاتهم، ويكفِّروا عن سيئاتهم؛ فأبلوا في حروب الردة وفي الفتوح الإسلامية بلاءً حسنًا.

وبعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، ومجئ الإمام على بن أبي طالب خليفة للمسلمين، اتحد الحزب الأموي بقيادة معاوية بن سفيان، وظهرت الأحزاب الإسلامية المتحاربة، بعض هذه الأحزاب انقضى سريعًا واختفى من ميدان القتال؛ كحزب طلحة والزبير، ولكن القتال العنيف كان بين علي الهاشمي، ومعاوية الأموي، وأخيرًا وأخيرًا جدًّا صفا الجو لمعاوية وأسس الدولة الأموية.

بانتقال الخلافة إلى معاوية أخذت شكلًا جديدًا لا عهد به للمسلمين من قبل؛ أهمها: حصر الملك في أسرة واحدة، وهي أسرة الأمويين، وقد كانت قبلُ تعتمد على اختيار الخليفة، أو اختيار أولي الحل والعقد، بل جعلها معاوية كذلك وراثية . ( كتب المؤلف مقالا آخر مواصلاً سرده لقصة سقوط الدولة الأ موية )

الإعلانات

نواصل من مقال للكاتبة :هداية الملاح من موقع موضوع

الثورة العباسية

تآلف أعداء الدولة الأموية ووجد الأمويّون أنفسهم أمام العديد من الأعداء، منهم اليمنيّين، ومنهم الأنصار سكان المدينة المنورة، والقبائل العدنانية، والهاشميون من قريش، وكذلك الخوارج، وفي عهد معاوية بن أبي سفيان قام بتوحيد تلك القبائل، وهدأت العصبيات بينهم، إلا أنه بعد وفاته عادت العصبيات وكانت نتائجها شديدة من تآلف وعداء ضد الحكم الأموي.[]

ثورة العباسيين والمعارك التي نجمت عنها انطلقت الثورة العباسية المسلحة ضد نظام الحكم الأموي من خراسان بقيادة أبي مسلم الخرساني، وخاضوا العديد من المعارك ضد الجيوش الأموية حتى تصدوا لها جميعًا، وانتهت تلك المعارك بسقوط الدولة الأموية، وقيام الدولة العباسية.[]

الإعلانات

الآثار المترتبة على انتهاء الحكم الأموي

استمر الأمويون بالحكم، لمدة تصل إلى إحدى وتسعين سنة هجرية بقيادة أربعة عشر خليفة، أولهم معاوية بن أبي سفيان -مؤسس الدولة-، وآخرهم مروان بن محمد، وبعد انتهاء معركة الزاب ومقتل آخر خليفة في العهد الأموي، تولى العباسيون الحكم، ثم سيطروا على كامل الدولة الإسلامية عدا الأندلس. وقاموا بملاحقة بني أمية وقتلهم، وفرّ عدد منهم، وقد حاولت الدولة العباسية السيطرة على الأندلس وانتزاعها من حاكمها عبد الرحمن الداخل، ولكن محاولاتها باءت بالفشل،[]

وقد تركت الدولة الأموية خلفها إرثًا إسلاميًا وحضاريًا، وساهمت في العديد من المجالات من علوم، وثقافة، وغيرها من الأمور .

إعداد

Mohammed. Moawia

الإعلانات

التصنيف: 1 من أصل 5.

الوقوع في الفخ ” د. مصطفى محمود

كل فتاة تحب أن يقال أنها حلوة وساحرة وفاتنة وملكة جمال
والسؤال هو: ما الجمال؟!! ..

هل الجمال هو البودرة والأحمر والكريم والروج والكحل ؟
هل لون الشعر .. و طول الشعر .. و شكل التسريحة .. و مقاس الصدر .. و محيط الوسط ..و خرطة الرجلين .. و استدارة الردفين ؟! ..

هل الجمال فستان و باروكة و بوستيش و شنطة و جزمة و نظارة؟! ..

المرأة يخيل لها ذلك ..

الإعلانات

كل تفكير المرأة في شكلها .. في مقاساتها الخارجية .. في اللون و النقشة التي ترسمها حول العينين و الحاجب و الشفة ..

يخيل لها أن الجمال يمكن رسمه على الوجه و يمكن تفصيله بالتحزيق و التقميط و المكواه و المشط .. و تنسى أن كل هذا طلاء و دهان .. و أنه سوف يذوب ساعة أن تضع رأسها تحت الحنفية .. و سوف تتحول إلى وجه بلياتشو بعد أول موجة من العرق .. و أنها بعد مشوار في الحر سوف تتحول الى امرأة أخرى .. لأن كل ما صنعته كان ديكور من الخارج .. كل ما صنعته كان سلسلة متقنة من الأكاذيب .. و عملية رائعة من التلفيق اشترك فيها العطار و الصيدلي و الخردواتي ..

و هو تلفيق لا يمكن أن يكتب له الدوام ..
حتى الجسم و مقاساته كذبة كبيرة أخرى سرعان ما تفتضح من أول حمل .. فيتحول الغزال إلى حصان بلدي ، و خصره إلى خصر سيد قشطة .. و الوجه الجميل و التقاطيع الدقيقة الحلوة هي نوع من الجمال يفقد ثأتيره مع التعود و المعاشرة ..

و هذا حكم الجمال الخارجي مصيره دائمًا إلي الزوال وفقدان الأثر .. الجمال الخارجي مجرد مصيدة وجر رجل .. منحة سخيفة من الطبيعة للمرأة لتصطاد بها رجلًا .. نوع من خداع البصر ..

فإذا تم المراد و وقع الصيد السمين في الفخ و عقد العقد ووقع المأذون و انتقلت العروسة المزخرفة المزوقة إلى العش الموعود و مضى شهر و شهران .. بدأ الديكور يقع و بدأ الطلاء يسقط و الدهان يتشقق و بدأت تظهر النفس التي وراء الزواق و الطلاء ..
ساعتها يبدو الجمال الحقيقي .. إذا كان هناك جمال حقيقي .. و الجمال الحقيقي هو جمال الشخصية ، و حلاوة السجايا .. و طهارة الروح ..
النفس الفياضة بالرحمة و المودة و الحنان و الامومة .. هي النفس الجميلة ..
النفس العفيفة و العفة درجات .. عفة اللسان و عفة اليد و عفة القلب و عفة الخيال… و كلها درجات جمال ..
و الخلق الطيب الحميد ..
و الطبع الصبور الحليم المتسامح ..
و الفطرة الصريحة البسيطة ..
و الروح الشفيفة الحساسة ..
كل هذه ملامح الجمال الحقيقي ..
أي قيمة لوجه جميل و طبع قاس خوان مراوغ خبيث ..
و أي قيمة لمقاسات الوسط و الصدر .. و القلب مشحون بالطمع و الدناءة ..
و أي قيمة للشفاه المرجان و اللسان يقطر بالسم و القطران ..
و أي قيمة للساق الجميلة خرط المخرطة التي تمد لك بشلوت و الذراع الفاتنة التي تمد لك بقبقاب ..
و أي قيمة لباروكة لا يوجد تحتها عقل ..
و أي قيمة لنهد نافر خصصته صاحبته لإرضاع العشاق لا إرضاع الأطفال .. و أرداف تزيين للنزوات و فم فاتن لا ينطق إلا الكذب ..

إذا أردت أن تحكم على جمال امرأة لا تنظر إليها بعينيك ، و إنما انظر إليها بعقلك لترى ماذا يختفي وراء الديكور ..
و حذار أن تنظر إليها بعاطفتك أو غريزتك و إلا فإنك سوف تفقد عقلك من أول نظرة ثم يخيل إليك أنك أمام فينوس الخارجة من زبد البحر ..
و في ضباب الحواس و صخب الإثارة تستحيل الرؤية و تتحول حدائق الحيوان إلى جنات مغرمين و ملامح القردة إلى تقاطيع الملائكة ..

المرأة كتاب عليك أن تقرأه بعقلك أولا و تتصفحه دون النظر إلى غلافه .. قبل أن تحكم على مضمونه ..
ذوق الناقد و ليس ذوق العاشق هو الذي سوف يدلك ..
و لذلك تحرص المرأة بذكائها على أن تحولك إلى عاشق أولًا حتى تفقد عقلك فلا ترى الحقيقة ..
و أغلب الرجال لا يرون الحقيقة الا بعد فوات الأوان ..
و الذين يرون الحقيقة يتحولون إلى فلاسفة ، فيعشقون الحقيقة لذاتها و ينسون المرأة .. و يؤلفون الكتب في دراسة الجمال و فلسفة الجمال و ينسون حكاية المرأة الجميلة ..

و حتى هذا الفيلسوف لا تعدم المرأة وسيلة للضحك عليه فتقابله كل يوم و تحت إبطها كتاب ..

لقد وضعت الروج المناسب للرجل المناسب ..

كتاب ” الشيطان يحكم “
د/مصطفي محمود

ملخص رواية دكتور زيفاجو 📖

أدب عالمي

قصة حب مفعمة بالرومانسية للأديب الروسي بوريس پاسترناك. 

احداث القصة تجري بين عامي 1903 و1929، وهي أعوام الضياع والاضطرابات الدموية في روسيا، حيث تدوّن لنا قصة الثورة البلشفية من وجهة نظر تلك الشخصية المثقفة والمتعمقة في فهم النفس البشرية: الطبيب والشاعر يوري زيفاجو الذي ولد أواخر القرن التاسع عشر وأنهى دراسة الطب أثناء الحرب العالمية الأولى.

الإعلانات


فبينما يتغير المشهد السياسي ويسقط نظام القياصرة الروس، تعكس علاقات دكتور زيفاجو الاضطراب السياسي الذي كان يسيطر في جميع الاوساط نتيجة احداث الثورة وكذلك الحرب العالمية الاولى التي كانت تدور رحاها في تلك الفترة. لا تناقش القصة الاحداث السياسية ولكنها تركز على ماذا يحصل للناس الذين تجرفهم الاحداث السياسية دون ان تكون لهم القدرة على احداث اي تغيير فيما يدور حولهم. وكيف تتغير المواقف وتتبدل الأفكار بين الثوار قبل السلطة والثوار بعد السلطة وماذا تفعل السلطة في البشر.

القصة متعددة الطبقات بدأت بموت والدة  زيفاجو. أما والده، وهو صناعي غني، فقد انتحر جراء التأثير المحبط الذي مارسه عليه محاميه. يتزوج زيفاجو قبل الحرب العالمية الاولى من امرأة جميلة  ويعيشان حياة مرفهة سعيدة. في اثناء ذلك تظهر امرأة 

اسمها لارا، حيث ان عشيق والدتها الجنرال سترينيكوف كوماروفسكي  يحاول اغوائها ولكنها تتخلص منه بالزواج من شاب مثالي لكنه يتركها لاحقاً. اثناء الحرب العالمية الاولى تتطوع لارا للعمل كممرضة وتلتقي بالدكتور زيفاجو الذي كان يخدم في الجيش كطبيب، فتربطهما قصة حب جارفة تنتهي بنهاية الحرب.

الإعلانات


عندما تحدث الثورة الروسية يلجأ زيفاجو وزوجته الى قرية في الريف الروسي في منطقة الاورال، ويلتقي مرة اخرى بلارا التي كانت تبحث عن زوجها في نفس المنطقة لتتفجر مرة اخرى مشاعر الحب والحنان التي كانت تجمعهما والتي تتعرقل مرة اخرى بسبب احداث الثورة وبسبب الجنرال سترينيكوف كوماروفسكي الحبيبب السابق للارا.

ويعود الدكتور زيفاجو إلى موسكو عام 1922 ليعيش في فقر مدقع، ويشعر في أحد أيام عام 1929 بالغثيان متأثراً بكل ما يدور

حوله، حين يكون  في عربة الترام وبلحظة خاطفة قاتلة يلمح عن بعد حبيبته لارا تمشي على الرصيف المحاذي للشارع الذي يعبره الترام حاول اللحاق بها ولهث وراءها كحلم ودون أن يتسنى له لفت انتباهها ودون أن تدرك هي أنه حبيب عمرها كان وراءها على مسافة بضع خطوات وقع أرضا وباغتته سكتة قلبية ليموت على الرصيف الذي كانت قد عبرته لارا لتوها، هكذا عبّر لنا پاسترناك عن لهاثنا المخيف وراء السعادة.‏

الرواية عبارة عن ملحمةِ رومانسية شاملة، تقدم قصة الحب والثورة بمشاهد رائعة وتأسرنا بطبيعة موسكو الخضراء قبل الحربِ والثورةِ الإجتماعيةِ العَنيفةِ التي حصلت.

الإعلانات

بسبب  الانتقاد الشديد الموجه للنظام الشيوعي، لم يجد پاسترناك ناشراً يرضى بنشر الرواية في الاتحاد السوڤييتي، لذلك فقد هرّبت الرواية عبر الحدود إلى إيطاليا، ونشرت في عام 1957، مسببة أصداءً واسعة: سلباً في الاتحاد السوڨياتي، وإيجاباً في الغرب. رغم أن أحداً من النقاد السوڨييت لم يكن قد اطلع على الرواية إلا أنهم هاجموها بعنف، بل وطالبوا بطرد پاسترناك.
في العام التالي 1958 منح پاسترناك جائزة نوبل  للآداب، وهو الكاتب الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل عن رواية واحدة، كما ذكرت لجنة الجائزة حينها “إن سبب منح پاسترناك الجائزة يتمثل في القيمة الفنية لرواية دكتور زيفاجو”. لكن پاسترناك رفضها (غصباً عنه). وقد صدر مؤخراً كتاب عنوانه: “د.زيفاجو بين المخابرات الأمريكية والمخابرات الروسية”، لباحث يكشف فيه أسرار تدخل وكالة المخابرات الأمريكية بالتعاون مع نظيرتها البريطانية للدفع في اتجاه فوز رواية “دكتور زيفاجو” بجائزة نوبل. حيث تؤكد وثائق الكتاب أن المخابرات الأمريكيةCIA كانت وراء ترجمة الرواية إلى أكثر من40 لغة عالمية.

حولت رواية “دكتور زيفاجو” إلى فيلم سينمائي ملحمي عام، 

    1965 من إخراج ديفيد لين، بطولة عمر الشريف وجولي كريستي، حصد الفيلم خمسة جوائز أوسكار، ويعد ثامن أنجح فيلم على مستوى شباك التذاكر العالمي متجاوزاً فيلم تايتانيك اذا حذفنا معدلات التضخم المالي.

بوريس پاسترناك (1890 – 1960):

كاتب وشاعر روسي، عرف في الغرب بروايته المؤثرة عن الاتحاد السوڤياتي دكتور زيفاجو لكنه يشتهر في بلاده كشاعر مرموق. درس في كلية الآداب والتاريخ في جامعة موسكو وحين اهتم بالفلسفة سافر في 1912 إلى ألمانيا لدراسة الفلسفة في جامعة ماربورج. ولد في موسكو لأب كان يهودي وتحول إلى الكنيسة الارثوذوكسية، وهو رسام متميز وأستاذ في معهد الفنون، والدته كانت عازفة بيانو مشهورة. خلال الحرب العالمية الأولى، عمل باسترناك و درس في مختبر للكيميائيات في الاورال .

رؤية نقدية بريطانية لما بعد الحداثة: كيف دمر المثقفون الفرنسيون الغرب؟

postmodernism art
فن “ما بعد الحداثة” يعبر عن حالة توصف بأنها نوع من الخروج عن معايير الجمال لأساليب توصف بأنها عبثية وتفتقد المعنى (بيكسلز)

عمران عبد الله

تمثل حركة “ما بعد الحداثة” الفلسفية تهديدا لمشروع التحديث والتنوير الفلسفي من ناحية، وللديمقراطية الليبرالية من ناحية أخرى، فمجموعة الأفكار والقيم التي تمثلها هذه الفلسفة قد كسرت حدود الأوساط الأكاديمية، واكتسبت قوة ثقافية كبيرة في المجتمع الغربي شملت “أعراضا” لاعقلانية وتناقضات متأصلة في طريقة التفكير التي تنكر وجود حقيقة مستقرة أو معرفة موثوقة، وفقا للباحثة والكاتبة البريطانية هيلين بلوكروز.

وفي مقالها بمجلة “آريو” (Areo) الثقافية الإلكترونية التي تترأس تحريرها، تعرّف بلوكروز “ما بعد الحداثة” بأنها ببساطة، حركة فنية وفلسفية بدأت في فرنسا في الستينيات، وأنتجت فنا و”تنظيرا” مثيرين للحيرة، واستندت إلى الفن السريالي وأفكار الفلاسفة الألمان نيتشه وهايدغر بسبب مناهضتهم للواقعية، وكان رد فعل هذه الحركة الفلسفية مناقضا للنزعة الإنسانية الليبرالية التي وسمت الحركات الفنية والفكرية الحديثة.

الإعلانات

تعتبر بلوكروز أن حركة ما بعد الحداثة رفضت الفلسفة التي تقدر الأخلاق والعقل والوضوح، وأن ما بعد الحداثيين هاجموا العلم وهدفه المتمثل في الوصول إلى معرفة موضوعية، فيما تميزت حركة ما بعد الحداثة اليسارية بنفس عدمي وثوري.

الحداثة وما بعدها

جوهر الحداثة هو تطور العلم والعقل بالإضافة إلى النزعة الإنسانية والليبرالية العالمية، وفي المقابل فإن ما بعد الحداثيين يعارضون ذلك وينتقدون أهداف المشروع الحداثي.

وإذا فهمنا الحداثة على أنها هدم هياكل السلطة بما في ذلك الإقطاع والكنيسة والنظام الأبوي والإمبراطورية، فإن ما بعد الحداثيين يحاولون إبقاءها واستهداف العلم والعقل والإنسانية والليبرالية في المقابل، وبالتالي فإن جذور ما بعد الحداثة هي سياسية بطبيعتها وثورية لكنها مدمرة وخادعة، كما تستدرك الكاتبة.

تقول الكاتبة إن ما بعد الحداثة هي فلسفة تسعى لجعل المعرفة نسبية، وإلغاء الإيمان بالحقائق أو القناعات الشخصية الراسخة أو التوجهات الثقافية المحددة، وتدعو في المقابل لتفضيل “التجربة الحية” (الشخصية) على الأدلة التجريبية، كما أن هناك محاولة لترويج آراء محددة بدعوى حماية التنوع مع منح مجموعات أقلية معينة امتيازات مستثناة من إجماع العلماء، ومستثناة كذلك من “الأخلاق الديمقراطية” التي يتم وصمها بأنها سلطوية وأيديولوجية.

الإعلانات

وتعبر فلسفة ما بعد الحداثة عن الإحباط الفلسفي الغربي من الحداثة، ويرى فلاسفة أوروبيون أنها جاءت كرد فعل عكسي على الدمار الذي لحق بأوروبا بسبب الحرب العالمية الثانية والفاشية والمذابح، إذ تزعزعت ثقة الفلاسفة والفنانين بالحداثة السياسية والاقتصادية، وأنكروا المشروع التنويري برمته واستبدلوا اليقين بالتشكيك والتفكيك وحتى العدمية.

الفلاسفة الفرنسيون

وصاغ مصطلح “ما بعد الحداثة” الفيلسوف الفرنسي جان فرانسوا ليوتار (1924-1998) في كتابة لعام 1979 “الوضع ما بعد الحداثي”، وعبّر ليوتار عن نقده للحداثة وسقوط الأيديولوجيات الكبرى أو “السرديات الكبرى” كما أسماها، وقدم نقده لفكرة التنوير وللأيديولوجيات الحديثة التي عدّها نتاج التنوير معتبرا أنها سقطت وفشلت فشلا ذريعا.

الإعلانات

وتسعى فلسفة ما بعد الحداثة لإنكار وجود الحقيقة الموضوعية، وتعتبر كل واقع في الأصل مجرد بناء من أفكار ذاتية لصاحبها، إذ لا توجد حقيقة كونية مستقلة في رؤية هؤلاء الفلاسفة الذين يشككون بشكل مستمر في كل السرديات الكبرى، وساهم فرانسوا ليوتار مع كل من الفلاسفة الفرنسيين جاك دريدا وفرانسوا تشالي وجيل دولوز في تأسيس المعهد العالمي للفلسفة.

وتركز عمل الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو (1926-1984) أيضا على اللغة والمفاهيم النسبية، على الرغم من أنه طبق ذلك على التاريخ والثقافة، معتبرا أن المعرفة هي نتاج مباشر للقوة.

علاوة على ذلك، تم تصور الناس ثقافيا في تنظيرات “ما بعد الحداثة” باعتبار “الفرد، بهويته وخصائصه، هو نتاج علاقة قوة تمارس على أجساد، ورغبات، وقوى”، وهو ما اعتبرته الكاتبة أنه لا يترك أي مجال للفردية والاستقلالية الذاتية.

وكما يقول الفيلسوف المسيحي الأميركي كريستوفر بتلر، فإن فوكو يعتمد على المعتقدات المتعلقة بالشر المتأصل في الموقف الطبقي للفرد، أو المركز المهني الذي يُنظر إليه على أنه “خطاب”، بغض النظر عن أخلاقيات سلوكه الفردي. وهو يقدم إقطاع القرون الوسطى والديمقراطية الليبرالية الحديثة على أنهما قمعيان بالقدر ذاته، ويدعو إلى انتقاد ومهاجمة المؤسسات لكشف “العنف السياسي الذي مارس نفسه دائما من خلالهما بشكل غامض”.

الإعلانات

تقول الكاتبة، إن فوكو يمثل التعبير الأكثر تطرفا للنسبية الثقافية، إذ يقرأ الثقافة من خلال هياكل السلطة التي تكون فيها الإنسانية والفردية المشتركة غائبة تماما تقريبا، وبدلا من ذلك يتم تصور الناس من خلال موقفهم في ما يتعلق بالأفكار الثقافية السائدة إما كظالمين أو مظلومين.

ثم جاء دريدا

كان جاك دريدا (1930-2004) هو من قدم مفهوم “التفكيك”، كما دعا إلى النسبية الثقافية والشخصية، وركز بشكل أكثر وضوحا على اللغة، والاقتباس الأكثر شهرة لدريدا “ليس ثمة خارج السياق”، أو “لا يوجد شيء خارج النص” يتعلق برفضه لفكرة أن الكلمات تشير إلى أي شيء مباشر، بدلا من ذلك “هناك سياقات فقط بدون أي مركز ثابت على الإطلاق”.

لذلك فإن مؤلف النص ليس هو المرجع في معناه، بل يصنع القارئ أو المستمع معناه الصحيح بالقدر نفسه، وكل نص “يولد سياقات جديدة بلا حدود بطريقة غير قابلة للانتهاء على الإطلاق”.

الإعلانات

أراد دريدا الإشارة إلى أن المعنى يُبنى عبر إدراك الاختلافات، وتحديدا من خلال التعارضات المتناقضة، فمثلا كلمة “شاب” منطقية فقط في علاقتها بكلمة “عجوز”، وجادل دريدا بأن المعنى يُبنى من خلال تعارض هذه التناقضات التي توصف بكونها إيجابية وسلبية.

وأصبح دريدا منظّرا للمزيد من النسبية الثقافية والمعرفية، والمزيد من التبرير لسياسات الهوية، وخاصة مع تشديده على عدم إمكانية رفض التعارض والتناقض، وبالتالي رفض قيم الليبرالية التنويرية للتغلب على الاختلافات والتركيز على حقوق الإنسان العالمية والحرية الفردية، وفقا للكاتبة.

نهاية التنوير

تقول الكاتبة إن هذه المجموعة الفكرية تتبنى “مجموعة مفاهيم” تهدد بإعادة العالم الغربي إلى زمن ما قبل عصر التنوير، عندما كان يُنظر إلى “العقل” ليس فقط على أنه أدنى مرتبة من العاطفة، ولكن باعتباره خطيئة.

الإعلانات

وتعتبر الكاتبة أن فلسفة ما بعد الحداثة التي نظّر لها الفلاسفة الفرنسيون، تشكل ردّة لعصر سيطرة الكنيسة على الحياة الفكرية ونكسة إلى الوراء، وعودة إلى المصادر القديمة والعصور الوسطى وما قبل الحداثة والمعرفة المعاصرة.

وتختم بمقولة لافتة “إن أزمتنا الحالية ليست أزمة اليسار مقابل اليمين، بل هي أزمة الاتساق والعقل والتواضع والحرية العالمية مقابل التناقض واللاعقلانية والاعتقاد الحماسي والاستبداد القبلي.. يبدو مستقبل الحرية والمساواة والعدالة قاتما بالقدر نفسه، سواء فاز اليسار ما بعد الحداثي أو يمين ما بعد الحقيقة في هذه الحرب الحالية. أولئك الذين يقدرون الديمقراطية الحرة وثمار ثورة التنوير والعلم والحداثة يجب أن يجتهدوا نحو خيار أفضل”.

المصدر : الجزيرة + الصحافة البريطانية

جدلية المساواة بين المرأة والرجل ♀️♂️

الكاتب 🪶

عباس محمود العقاد


لم يكن جنس النساء سواء لجنس الرجال قط في تاريخ أمة من الأمم التي عاشت فوق هذه الكرة الأرضية، على اختلاف البيئات والحضارات.. وكل ما يقال في تعليل ذلك يرجع إلى علة واحدة؛ وهي تفوق الرجل على المرأة في القدرة والتأثير على العموم.

فليست جهالة القرون الأولى سببًا صالحًا لتعليل هذه الفوارق العقلية بين الرجال والنساء في جميع الأمم؛ لأن الجهل كان حظًّا مشتركًا بين الجنسين، ولم يكن مفروضًا على النساء وحدهن دون الرجال، ومن زعم أن الرجل فرض الجهل على المرأة فقبلته وأذعنت له؛ فقد قال: إنه أقدر من المرأة، أو إنه أحوج إلى العلم وأحرص عليه منها.

الإعلانات

وليس الاستبداد في القرون الأولى سببًا صالحًا لتعليل تلك الفوارق؛ لأن استبداد الحكومات كان يصيب الرجل في الحياة العامة، قبل أن يصيب المرأة في حياتها العامة أو حياتها البيتية، ولم يمنع الاستبداد طائفة من العبيد المسخرين أن ينبغ فيهم العامل الصَّنَّاع، والشاعر اللبق، والواعظ الحكيم، والأديب الطريف.

وليس عجز المرأة عن مجاراة الرجل في الأعمال العامة ناشئًا من قلة المزاولة لتلك الأعمال؛ لأنها زاولت أعمال البيت ألوف السنين، ولا يزال الرجل يبزها في هذه الأعمال كلما اشتغل بصناعاتها؛ فهو أقدر منها في الطهو، وفي تفصيل الثياب، وفنون التجميل، وتركيب الأثاث، وكل ما يشتركان فيه من أعمال البيوت.

وقد يرجع الأمر إلى الخصائص النفسية، فيحتفظ الرجل فيها بتفوقه على الرغم من استعداد المرأة بتلك الخصائص من أقدم عصور التاريخ.

الإعلانات

فالنواح على الموتى عادة تفرغت لها المرأة، منذ عرف الناس الحداد على الأموات، ولكن الآداب النسوية لم تخرج لنا يومًا قصيدة من قصائد الرثاء تضارع ما نظمه الشعراء الرجال، سواء منهم الأميون والمتعلمون، وقد كان أكثر الشعراء في العهود القديمة من الأميين.

بل هناك خاصة نفسية، لا تتوقف على العلم، ولا على الحرية، ولا نوع العلم أو الوظيفة، في المجتمعات أو البيوت؛ وهي خاصة الفكاهة، وخلق الصور الهزلية، والنكات التي يلجأ إليها الناس حين يحال بينهم وبين التعبير الصريح.

الإعلانات

وربما كان الاستبداد، أو الضغط الاجتماعي من دواعي تنشيط هذا «السلاح» النفسي في قرائح المستعبَدين والمغلوبين؛ لأنه السلاح الذي ينتقم به المغلوب لضعفه، والمنفذ الذي يفرج به عن ضيقه وخوفه، وقد كان ضغط الرجال على النساء خليقًا أن يغريَهم باستخدام هذا السلاح لتعويض القوة المفقودة، والانتقام للحرية المسلوبة، ولكن الآداب والنوادر لم تسجل لنا فكاهة واحدة أطلقتها النساء على الرجال كما فعل الرجال المغلوبون في الأمم الحاكمة، أو المحكومة على السواء، أو كما فعلوا في تصوير رياء المرأة، واحتيالها على إخفاء رغباتها، وتزويق علاقاتها بالرجال.

وهذه الملكة -ملكة الفكاهة- خاصة نفسية لم يقتلعها من طبائع الرجال ظلم، ولا جهل، ولا فاقة، ولا عجز عن العمل في ميدان الحياة. فمن اللجاجة أن يتجاهلَ المتجاهلون هذه الفوارق وهي أثبت من كل ما يثبته العلم والعلماء، وما كان للعلم أن يوجِد شيئًا لم يكن له وجود في الوقائع أو في تفكير العقول، وإنما هو أبدًا في مقام التسجيل، أو مقام التفسير.

المصدر:
عباس محمود العقاد، الفلسفة القرآنية.

أنت مثقف … شارك الصفحة مع أصدقائك

ميخائيل نعيمة .. تأملات وصلوات،🩵

أقلام وآراء

«مَن غربل الناس نخلوه». بهذا المثل الشعبى افتتح الأديب، الشاعر اللبنانى، «ميخائيل نعيمة»، كتابه الصادر منذ مائة عام؛ «الغربال»، (عام ١٩٢٣). كان «ميخائيل نعيمة» واحدًا من مؤسِّسى «الرابطة القلمية»، تلك الجمعية الأدبية المهمة التي لعبت دورًا مبكرًا مهمًّا في تجديد الشعر والنثر العربى في مطلع القرن العشرين، والتى أنشأها بعض الشعراء والأدباء «الشوام» في المهجر في «نيويورك» عام ١٩٢٠ وترأسها «جبران خليل جبران». وكان «الغربال» خير معبر عن الإطار النظرى للرابطة ورؤيتها في التجديد المنشود، كما يُعد من أبرز وأشهر إسهامات «نعيمة» المتعددة في النهضة الأدبية.بالتوازى مع حركة «الرابطة القلمية» وشعراء المهجر، كانت هناك في مصر حركة تجديد شعرى، يقودها الشعراء الثلاثة؛ «عباس العقاد» و«عبدالقادر المازنى» و«عبدالرحمن شكرى»، سُميت تلك الحركة باسم مدرسة «الديوان»، و«الديوان» هو اسم الكتاب النقدى الذي وضعه «العقاد» و«المازنى»، (الصادر عام ١٩٢١)، والذى عبر عن التوجهات التجديدية الرئيسية لتلك الحركة.

تشابهت «مدرسة الديوان» مع «الرابطة القلمية»- بدون اتصال بينهما- وخاصة في مفهوم الوحدة العضوية للقصيدة، وفى معنى «الشعر»، فالشعر عندهما هو شىء أعمق من براعة النظم والتمكن من الوزن والقافية والعروض. وكذلك اتفق «الديوان» مع «الغربال» في نقد شعر «مدرسة الإحياء التقليدية»، والهجوم على أقطابها. وحينما قرأ «نعيمة» كتاب «الديوان» عام ١٩٢١، فوجئ بأن له في مصر نظراء في مفهوم التجديد وفى الاجتراء على تحطيم أكبر «أصنام الشعر» التقليدى من أمثال؛ «أمير الشعراء» «شوقى»، فكتب مقالًا (فى «الغربال») يشيد فيه بالعقاد و«المازنى» وبمدرسة الديوان. يقول في مفتتحه:

الإعلانات

«ألَا بارك الله في مصر؛ فما كل ما تنثر ثرثرة، ولا كل ما تنظمه بهرجة، وقد كنت أحسبها وثنية تعبد زخرف الكلام وتؤلِّه رصف القوافى، فكم زمَّرت لبهلوان، وطبَّلت لمشعوذ (وطيبت) لكروان!، غير أنى عرفت اليوم بالحس ما كنت أعرفه أمس بالرجاء، عرفت أن مصر مصران لا واحدة: مصر ترى البعوضة جملًا والمدرة جبلًا، ومصر ترى البعوضة بعوضة والمدرة مدرة، ومصر لها ميزان بكفة واحدة ومقياس بطرف واحد، ومصر لها ميزان بكفتين ومقياس بطرفين، فهى تفصل بين الرطل والدرهم، وتميز بين الفتر والفرسخ، إن مصر هذه- مصر الثانية- قد قامت اليوم تناقش الأولى الحساب؛ فانتصبت وإياها أمام محكمة الحياة وسلاحها الوجدان الحى ومحكها الحق؛ لأنها تقول لها: إما أن تُثبتى لى حقكِ باعتبارى، فأسكت، أو أُريكِ كل ما فيكِ من زيف فتسكتى، وبعبارة أخرى إن مصر تُصفِّى اليوم حسابها مع ماضيها…».

الإعلانات

ولنترك «الغربال» الآن، على أن نعود إليه لمناقشة قضاياه المهمة- اتفاقًا أو اختلافًا- في مقال آخر، ولنعرض اليوم لقطوف متنوعة لصاحب «الغربال»، تبين لنا كيف تمتزج في كتاباته العقيدة الدينية بالرؤية الفلسفية والروح الصوفية، ففى مقال له بعنوان «عام جديد.. عامًا سعيدًا»، يقول «نعيمة»:

الإعلانات

■ «… جميل أن يتمنى الناس بعضهم لبعض في رأس كل سنة (عامًا سعيدًا)… والأجمل أن نساعد أنفسنا وجارنا على التطهر من كل ما من شأنه أن يُقصى عنّا وعنه الخير وأن يُفسد السعادة علينا وعليه… وهل مَن يجهل أن مغبّة الطمع التخمة، وأن عاقبة البغض الاحتراق بنار البغض، وأن المين (الكذب) تهلكة للروح، وأن الظلم موطنه الظلام، وأن الفسق مقبرة الفاسقين، وأن حبّ السلطان سجن للسلاطين، وأن الحرب لا تنسل إلّا حروبًا؟…».

■ «إن عيد رأس السنة يجب أن يكون يوم تنقية وتصفية حساب لا يوم هرج ومرج وعربدة وبطالة، إذ ليس في إتمام دورة من دورات الأرض حول الشمس ما يدعو إلى الهرج والمرج والبطالة والعربدة… وليس أدْعَى إلى التقريب بين الشعوب من عيد كهذا العيد يُعيّده الناس في يوم واحد أينما كانوا ولأيّما دين انتسبوا… لعلّهم يشعرون أنّهم جماعة واحدة يجرفهم تيّار واحد إلى غاية واحدة ونهاية واحدة».

الإعلانات

ومن قصة «اليوم الأخير»:

«.. في المتاجر أبصر باعة يترصّدون الشارى ترصّد العنكبوت للذبابة، والكلّ قد علقوا في شباك لا براح لهم منها، إنّها شباك الإله الساحر الماكر القهّار الذي اسمه الدينار!».

«وفى المعابد أرى بخورًا وشموعًا تحترق، وجباهًا تنطح الأرض، وأكفًّا ترتفع إلى فوق، وأيادىَ تقرع الصدور، وشفاهًا تتمتم ابتهالات وتسابيح وضراعات.. فلا أرى الجباه تشرق بالنور، ولا الأكفّ تمتلئ بالخيرات، ولا الصدور تتطهّر بالبخور، ولا الشفاه تسيل بالبركات». «وفى الثكنات أرى أقوامًا جعلت منهم شرائع النّاس دمىً وألاعيب وذبائح تقدّمها الطاغوت يدعى الدولة أو الأمّة، وهذه الدمى لا تملك من أمرها غير واجب الطاعة العمياء والخرساء، فلا حقّ لها في الصّياح أو النباح أو الشكوى، مهما تكن المهامّ المنوطة بها».

الإعلانات

■ ومن مسرحيته «الآباء والبنون»، (أول أعماله، عام ١٩١٧)، يقول المدرس «داوود»، في حواره مع الخالة «أم إلياس»:

«أنا لست بكافر… أنا أومن بالله ورسله وأنبيائه من كل قلبى، أريد أن أقول إنّى أعتبر عيسى وموسى ومحمدًا على السواء. في العالم إله واحد، وهو إله الجميع، ليس مسيحيًّا ولا مسلمًا ولا يهوديًّا… أصلّى في قلبى، لا في كنيسة ولا في جامع… مَن لا يقدر أن يعبدربّه إلّا في الكنيسة فليذهب إلى الكنيسة، ومَن لا يقدر أن يخاطب خالقه سوى بلسان كاهن أو شيخ، فليتبع كاهنه وشيخه، أمّا أنا فأرانى في غنى عنهما».

وربما كان هذا الاقتباس الأخير خير ما يُعبر عن مفهوم «ميخائيل نعيمة» ذاته لعقيدته الدينية، إذ تكرر معنى تلك العبارة في صور مختلفة في العديد من أعماله، على مدار رحلته الطويلة مع القلم.

الإعلانات